👁 1٬031

عقد أفريقيا الواجب تحقيقه

فيينا – منذ عام 2000، سجلت أفريقيا معدلات نمو إقتصادي مثيرة للإعجاب حيث يرجع ذلك بشكل عام إلى المساعدة الإنمائية والإزدهار المطول للسلع وعلى الرغم من أن القارة تظهر تنوعا كبيراً في المسارات الإجتماعية والإقتصادية، فإن معدلات النمو قد أخفت بشكل عام نقص في التحول الهيكلي.

ولا يزال يتعين على العديد من البلدان الأفريقية أن تخضع للتحول اللازم للتنمية الشاملة للجميع و التنمية المستدامة بيئياً على المدى الطويل و الذي يدعى بالتصنيع فأينما حدث التصنيع، فقد حسن هذا من التنويع الإقتصادي بصورة موثوقة وساعد على رعاية وتعزيز ودعم شروط النمو التنافسي والتنمية.

وفي العقود الأخيرة، تمكنت بعض البلدان النامية – وخاصة في آسيا – من تحقيق عملية التصنيع ولكن، على الرغم من المحاولات المتكررة لم تقم البلدان الأفريقية بذلك ففي عام 2014، بلغت حصة منطقة آسيا و منطقة المحيط الهادئ من القيمة المضافة في الصناعة التحويلية العالمية نسبة 44.6% بينما كانت حصة أفريقيا تبلغ  1.6% فقط ونظراً لأن جنوب أفريقيا هي البلد الصناعي الوحيد في منطقة جنوب الصحراء الكبرى الافريقية ، تعتبر هذه المنطقة من أقل المناطق تصنيعا على مستوى العالم.

ولكي تحقق البلدان الأفريقية التنمية المستدامة، سوف يتعين عليها أن تزيد بشكل كبير من حصة الصناعة – ولا سيما قطاع التصنيع – في إستثماراتها الوطنية وإنتاجها وتجارتها . إن ما يحسب لمعظم البلدان الأفريقية انها تعترف بالفعل بأن مثل هذا التحول ضروري لمعالجة مجموعة واسعة من التحديات المترابطة التي تواجهها الآن.

ويتمثل أحد هذه التحديات في النمو السكاني حيث أن أكثر من نصف سكان القارة البالغ عددهم 1.2 مليار نسمة هم دون سن 19 عاماً وحوالي واحد من كل خمسة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً وفي كل عام، ينضم 12 مليون عامل جديد إلى القوى العاملة لذلك سوف يحتاج هؤلاء العمال إلى الأدوات والمهارات لضمان سبل عيشهم في المستقبل و التصنيع هو المفتاح لمساعدة سكان أفريقيا الذين يتزايدون بسرعة على تحقيق عائد ديموغرافي.

ومن التحديات الأخرى المرتبطة بذلك تحدي الهجرة حيث ينضم العديد من الشباب الأفارقة الأكثر طموحاً و الشباب ذوي العقول المنفتحة إلى الآخرين في الهجرة شمالا ولكن لا يمكن لأي بلد ولا سيما في أفريقيا أن يتحمل خسارة مثل هذا الكم الكبير من المواهب والإمكانيات ولا يمكن للتصنيع وحده أن يحل أزمة الهجرة ولكنه يمكنه أن يعالج أحد الأسباب الجذريه وذلك عن طريق إيجاد فرص عمل في البلدان الأصليه.

أما التحدي الثالث فهو تغير المناخ والذي يؤثر بشكل كبير  على البلدان التي لا تزال فيها الزراعة هي القطاع الرئيسي للتوظيف ولمواجهة هذا التهديد سوف تحتاج أفريقيا إلى تطوير وإعتماد تكنولوجيات خضراء مع توجيه المزيد من الإستثمارات إلى كفاءة إستخدام الموارد والطاقة النظيفة و يمكن للبلدان الأفريقية بإستخدام الإستثمارات المناسبة أن تقلل من تكلفة إيصال الطاقة إلى المناطق الريفية وأن تساهم في الجهود العالمية الرامية إلى خفض الإنبعاثات والتخفيف من آثار تغير المناخ.

وبإختصار، يجب على أفريقيا أن تقوم بعملية التصنيع ويجب عليها أن تفعل ذلك بطريقة شاملة اجتماعياً و بطريقة مستدامة بيئياً وبالنظر إلى أن معظم الجهود السابقة في مجال التنمية المستدامة في أفريقيا قد فشلت، فإن هناك حاجة واضحة إلى إتباع نهج جديد يتمثل في عملية ذات قاعدة عريضة وتدار محليا بحيث تستفيد من الموارد المالية وغير المالية وتعزز التكامل الإقليمي والتعاون فيما بين شركاء أفريقيا في التنمية.

لقد أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن الفترة بين 2016-2025 ستكون العقد الثالث للتنمية الصناعية لأفريقيا وخلال العقد الثالث للتنمية الصناعية لأفريقيا سوف تقود منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية التي أتولى رئاستها النهج الجديد للتنمية المستدامة الذي أشرت اليه اعلاه وقد قدمت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية یونیدو الدعم الکامل للشراکات من اجل تعبئة الموارد وقد عرضت نموذج تمت تجربته للبلدان الأفریقیة من اجل تبنيه و هو برنامج الشراکة على مستوى البلد.

يقدم برنامج الشراکة على مستوى البلد التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية یونیدو للبلدان  المساعدة التقنية والمشورة في مجال السياسات والإستثمارات لمساعدتها على تصميم وتنفيذ إستراتيجيات التصنيع وقد أطلق البرنامج في عام 2014، ويجري تنفيذه بنجاح في إثنتين من الدول  الأفريقية – و هي إثيوبيا والسنغال – وفي بيرو.

ويتيح برنامج الشراکة على مستوى البلد نموذجاً للشراكة بين أصحاب المصلحة المتعددين والذي يمكن تكييفه ليتلائم مع خطة التنمية الوطنية لكل بلد وهو مصمم للعمل بتناغم مع الحكومات وجهود التنمية الجارية التي يبذلها شركاؤها مع توجيه أموال وإستثمارات إضافية نحو القطاعات التي تنطوي على إمكانات نمو عالية وتعتبر مهمة بالنسبة لجدول أعمال التنمية الصناعية للحكومة حيث عادة ما يتم إختيار القطاعات ذات الأولوية على اساس فرص العمل والإستثمار والتصدير والحصول على المواد الخام اللازمة.

ويهدف نهج برنامج الشراکة على اساس البلد إلی تعظیم أثر جمیع البرامج والمشروعات الشریکة ذات الصلة بالتنمیة الصناعیة وتحقيقاً لهذه الغاية، تتسم الشراكات الإستراتيجية مع المؤسسات المالية وقطاع الأعمال بأهمية خاصة وبوجود هذه الاستراتيجيات يمكن للبلدان الأفريقية أن تحشد موارد إضافية للبنية التحتية والإبتكار والخبرة والتكنولوجيات الجديدة.

ويتمثل هدف منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية یونیدو بجعل نموذج برنامج الشراکة على اساس البلد النهج السائد لجميع البلدان الأفريقية ونحن على إستعداد لدعم أفريقيا في طريقها نحو التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة – خلال عقد التنمية الصناعية الثالث لافريقيا وما بعده.

Written by

Source

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *